Montassar OUARDI

Montassar OUARDI
Montassar OUARDI

رأي المحكمة الإدارية في حمل النقاب داخل الجامعة



رأي المحكمة الإدارية في حمل النقاب داخل الجامعة

الاستشارة عدد 491/2011
رأي المحكمة الإدارية حول استشارة خاصة حول إمكانية تنظيم حمل النقاب داخل الحرم الجامعي بمقتضى تدابير  وتراتيب داخلية.


إنّ المحكمة الإدارية،

بناء على الإحالة الصادرة عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تحت عدد 640/2012 بتاريخ 10 جانفي 2012 والمسجلة بكتابة المحكمة الإدارية في 12 جانفي 2012 والمتضمنة عرض الاستشارة المذكورة أعلاه،
وعملا بالفصل الرابع من القانوني عدد 40 لسنة 1972 المؤرّخ في أوّل جوان 1972 المتعلق بالمحكمة الإدارية المنقح والمتمّم بالقانون الأساسي عدد 67 لسنة 1983 المؤرّخ في 21 جويلية 1983 وبالقانون عدد 39 لسنة 1996 المؤرّخ في 3 جوان 1996 وبالقانون الأساسي عدد 79 لسنة 2001 المؤرّخ في 24 جويلية 2001 وبالقانون الأساسي عدد 11 لسنة 2002 المؤرّخ في 04 فيفري 2002 وبالقانون الأساسي عدد 98 لسنة 2002 المؤرّخ في 25 نوفمبر 2002 وبالقانون الأساسي عدد 70 لسنة 2003 المؤرّخ في 11 نوفمبر 2003 وبالقانون الأساسي عدد 7 لسنة 2008 المؤرّخ في 13 فيفري 2008 وبالقانون الأساسي عدد 63 لسنة 2009 المؤرّخ في 12 أوت 2009، وآخرها القانون الأساسي عدد 2 لسنة 2011 المؤرّخ في 3 جانفي 2011،
وبعد الاطلاع على نص الاستشارة، تبدي الرأي الآتي نصّه:

تتعلق الاستشارة المعروضة بطلب إبداء الرأي في خصوص إمكانية تنظيم ارتداء النقاب داخل الحرم الجامعي وقاعات الدرس والامتحان بمقتضى تدابير داخلية (منشور أو مذكرة داخلية) خاصة في ظل غياب تفويض من السلطة التشريعية أو الترتيبية العامة وعلاقة ذلك بالحرية الفردية للمنقبات.
وتتنزل مسألة تنظيم ارتداء النقاب داخل الحرم الجامعي في نطاق ممارسة الحريات العامة وخاصة منها تلك ذات الطابع الفردي أو الشخصي والتي من بينها حرية المعتقد وما يتفرّع عنها من حرّية ارتداء اللباس التي يستجيب لمتطلباتها.
وبالرجوع إلى أحكام القانون التأسيسي عدد 6 لسنة 2011 المؤرّخ في 16 ديسمبر 2011 المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية، يتضح أنه تضمّن في فصوله 4 و6 الإشارة إلى أنّ النصوص المتعلقة بالحريات وحقوق الإنسان تتخذ من قبل المجلس الوطني التأسيسي في شكل قوانين أساسية.
غير أنه في ضوء وجود فراغ تشريعي، فيما يتعلق بالمسألة موضوع الاستشارة فإنه ولئن كان من المسلم به فقها وقضاء أنّ الوزراء لا يمتلكون سلطة ترتيبية عامة، عدا حالة التأهيل من السلطة التشريعية أو السلط التنفيذية العليا في الدولة، فقد أثر فقه القضاء في المقابل مبدأ جواز تمتع الوزراء وسائر رؤساء المؤسسات المنضوية في إطار اللامركزية بوضفهم رؤساء مصالح بحق اتخاذ تدابير ترتيبية تهدف إلى تحقيق حُسن سير المرافق العمومية الراجعة لهم بالنظر وتنظيمها، ولو في غياب نصّ تأهيل، والسند في ذلك يكون جملة المبادئ القانونية العامة ذات الصلة الوطيدة بالمرفق العمومي: ضرورة استمرارية وتأقلمه مع الحاجيات والمصلحة العامة والمساواة أمامه، وفي كون الممارسة الفعلية لسلطات التسيير الممنوحة لهم لا تكون ممكنة بدون الاعتراف لهؤلاء بحق مباشرة الصلاحيات الترتيبية الضرورية، على أن يبقوا مقيدين في ذلك بضرورة عدم معارضة ما يتخذونه من تراتيب في الإطار  المومإ إليه لنص أعلى مرتبة (يُراجع الحكم الاستئنافي الصادر عن المحكمة الإدارية تحت عدد 27202، بتاريخ 20 نوفمبر 2009).
وفي هذا السياق، يُستمدّ من أحكام القانون عدد 19 لسنة 2008 المؤرّخ في 25 فيفري 2008 المتعلق بالتعليم العالي والأمر عدد 2716 لسنة 2008 المؤرّخ في 4 أوت 2008 المتعلق بتنظيم الجامعات ومؤسّسات التعليم العالي والبحث وقواعد سيرها، أنّ مؤسّسات التعليم العالي والبحث هي مؤسّسات عمومية ذات صبغة إدارية أو ذات صبغة علمية وتكنولوجية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي وتندرج وفق ذلك المُعطى في إطار الهياكل الإدارية اللامركزية التي تعود صفة رئيس الإدارة فيها إلى عمداء الكليات ومديري المدارس والمعاهد العليا المكلفين بتسييرها وأنّ صلاحيات وزير التعليم العالي إزاء تلك المؤسّسات وأنّ صلاحيات وزير التعليم العالي إزاء تلك المؤسّسات لا تتعدّى، حسب النصوص ذات الصلة، صلاحية الإشراف عليها.
وبناء على ما سلف، فإنّ تنظيم إرتداء النقاب داخل الحرم الجامعي يدخل ضمن صلاحيات عمداء ومديري تلك المؤسّسات بوصفهم رؤساء المصالح الإدارية للمؤسّسات المذكورة، ويرجع لهم حسبما نصّ عليه الفصل 30 من الأمر عدد 2716 لسنة 2008 المؤرّخ في 4 أوت 2008 تسيير مؤسّسة التعليم العالي ويتولون طبق النقطتين الثانية والثالثة من الفصل المذكور:
- الإشراف على حُسن السير العلمي والبيداغوجي للمؤسّسة وتنسيق نشاط أجهزة التعليم والبحث العلمي التابعة لها والسهر على تنظيم الامتحانات وتعيين رؤساء لجانها.
- السهر على حفظ النظام والانضباط داخل المؤسّسة والاستنجاد بالقوّة العامة عند الضرورة وإعلام رئيس الجامعة فورا بما يتخذه من إجراءات. وفي حالة التأكد يتخذ رئيس الجامعة ما يراه من تدابير لحفظ النظام.
هذا وتجدر الإشارة إلى أنّ تدخل العمداء ومديري مؤسّسات التعليم العالي يجب أن يقتصر على اتخاذ التدابير العامة أو الفردية الضرورية لضمان حُسن سير المرفق العمومي وتلافي كل ما من شأنه الإخلال بالنظام العام داخل فضاءاته وإعاقة نشاطه البيداغوجي والعلمي أو الإخلال بنزاهة الامتحانات وعلى أن ترتكز  المقررات الصادرة في هذا الشأن على مبدإ أن لا حق لأحد في الانتفاع بالخدمات التي يسديها المرفق العمومي بمقراته المفتوحة للعموم وهو مغطى الوجه وذلك كلما اقتضى حُسن سير المرفق الكشف عن الوجه للتمتع بتلك الخدمات، وأنّ حدود ذلك المنع بالنسبة لموضوع الاستشارة، يجب أن يقتصر على حظر تغطية الوجه بصفة كاملة أو جزئية داخل مكونات الفضاء الجامعي، فحسب ودون أن يمتدّ إلى أي إجراء إضافي من شأنه المسّ من حرّية المعتقد واللباس الراجعة لمستعملي المرفق العمومي.
هذا ولا يكون تدخّل وزير التعليم العالي شرعيا إلا في الصورة المخصوصة الوارد ذكرها بالفصل 14 من الأمر سالف الذكر والمتعلقة بحدوث ظروف استثنائية بالجامعة تحول دون مباشرة هياكلها المسيّرة لمهامها وعلى أن لا يُقدّم طلب في ذلك للوزير من قبل رئيس الجامعة.     



Aucun commentaire: